منذ الصغر , كنت أستمع الي أحاديث الشيوخ في المسجد عن المسيحيين او النصاري , وأنهم اخوة لنا في الوطن .. وعن معاملة الرسول محمد
( عليه الصلاة والسلام ) الحسنه معهم وحثه دائما لنا علي أن نعاملهم جيدا وكنت أحفظ الحديث الشهير :
من أذي ذمياً فقد أذاني وأنا خصمه يوم القيامه
ولكني في ذلك الوقت نظرا لعدم تعاملي قط مع أياً من المسيحيين كنت أظنهم يعيشون في مكان ما بعيد عن مكاني
لذلك لم أكن أشغل فكري بهذا الأمر .. ووصل بيا الحال أن أغضب وأتضايق وأمل من الشيخ عندما يحدثنا في هذا الموضوع معتقداً ان هذا لا علاقة بنا نحن خاصة , لان هذه المنطقه التي أسكنها خاليه من المسيحيون
وفي نفس الوقت كنت أستمع الي كلام بعض الناس عن المسيحيين وعلاقتنا بهم وبأن منطقتنا تتشرف بكونها لا تحوي اياً منهم ويتفاخرون بأنهم منذ سنين وعندما جائت دكتورة مسيحيه وافتتحت صيدليه لها في المنطقه قام بعض الشباب بحرقها حتي أرغموها علي ترك المنطقه , وكانت نبرة الحديث تفاخر واعتزاز شديد حتي وصل الي ان اعدائنا هم المسيحيين ولا غير .
البلد المجاور
علي الضفه الاخري للطريق خارج البلد وبعيداً ببعض القري المجاوره تقع قريه معظم سكانها من النصاري فكنت أفكر ليلاً وأنا أتمدد علي السرير بأن الحرب ستأتي علي بلدي من هذا المكان ولابد من إعداد خطط من الان لحماية نفسي منهم ..
وكنت أفظع وأنا أسافر علي الطريق وأري شكل الكنيسه من بعيد وأقول لها ..
( سوف يأتي اليوم وأهدمك بيدي )
والغريب في الامر اني في هذه الفتره كنت أحفظ القراءن الكريم ووصلت الي خمسة أجزاء منه وكنت في الصف الثاني الاعدادي , وأحمد الله ان مدرستنا في هذا الوقت لم يكن بها مسيحيين لأني بالفعل كنت في حاله من الكره الشديد لهم بدون سبب
كنت أؤمن أني سأصل الي الجنه إذا قتلت مسيحياً ..
وعلي سبيل الهزار والطفوليه : كنت أقول وحتي لو أفتي شيخ من الاسلام بقتلي بعد هذه الجريمه فلا مانع فنحن في مركب واحد , انه يرميني الي الجنه والجنه ثمنها غالي وسأكون شهيداً وعندما أذهب الي الله سألقاه فرحاً وأقول له اني قتلت أعدائك يا ربي وسيدخلني الجنه
الصدمه
كنت في تلك المرحله طفلاً يحفظ القراءن ويصلي من حين الي أخر .. وبالبلدي
( صايع )
ثم جاء رمضان وأنا في الصف الثالث الاعدادي ونويت أن أقرء القراءن الكريم كاملاً وفي يوم من أيام رمضان المبارك كنت أقرء الأيـــه ..
بسم الله الرحمن الرحيم
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ
صدق الله العظيم
وقفت عند هذه الأيه كثيراً رغم تعودي في هذه الايام القراءه مسرعاً حتي أنتهي وأقوم لألعب او أشاهد التلفاز
وأخذت أتذكر حديث الشيخ في المسجد عن النصاري وأتدبر الايه العظيمه بكل معانيها وشعرت وكأن السماء تمطر علي , كنت أعرق بشده وأرتجف من الخوف وأبكي , وأقرء الايه ثم أبكي مرة بصوت عالي ومرة بصوت منخفض حتي شعرت بإقتراب أحداً من الباب فأغلقت المصحف وارتميت علي السرير وتظاهرت بأني نائم
ثم عودت لقراءة حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم وكيف وصانا علي معاملة النصاري بحسن وكيف انه سيكون خصيم من يؤذيهم يوم القيامه , كيف وأنا أدعو الله ان يشفع الرسول في ؟؟ نالتني حالة من البكاء والإكتئاب في ذلك الوقت
أول صديق مسيحي
منذ هذا اليوم واختلف تفكيري تماماً ولكن كنت أٌول الحمد لله انني لم أكن كبيراً وأنا مقتنع بتلك الافكار وإلا نفذت جريمتي وكنت سأدخل النار ولكن في نفس الوقت كنت في نفسي أرفض تماما أن أتعامل مع شخص مسيحي وكنت حتي تلك اللحظه لم أتعامل أصلا مع أياً منهم
دخلت المدرسه الثانويه وتعرفت علي أصدقاء جدد وفي الفصل كنت أجلس في الامام وبجانبي صديقي شعبان وخلفي صديقي ( عادل ) وبجانبه شادي
كانو أقرب الاصدقاء لي في هذا الوقت خاصة انهم أجدد الاصدقاء , وفي يوم من أيام المدرسه ونحن جالسون وشوشني صديقي شعبان قائلا : هو عادل ده مسيحي ؟؟
فضحكت وقولت : بالتأكيد لاء , يا ابني ده اسمه عادل
فرد شعبان : بس انا شوفت الصليب علي ايده من تحت القميص
شعرت بصدمه وسألت عادل : اسمك بالكامل ايه ؟
فرد : عادل .......... مسيح
فسألته في لهفه , انتي مسيحي ؟ فأجاب بنعم مبتسماً
كانت فجعه بالنسبه إلي في ذلك الوقت ولكني أظهرت بأن شيئاً لم يحدث ,
ممارسات غريبه
علي غير المتوقع تقربت من عادل في ذلك الوقت بنية دعوته الي الاسلام , حتي انني كنت أختصه بالجلوس معه في أوقات الفسحه وما الي ذلك لأحكي له قصص من القرأن وذُهلت عندما سألته : هل تحفظ الانجيل كما احفظ انا القرأن ؟ فأجاب بنعم
وبدئت معرفتي القريبه بالمسيحيه من عادل في ذلك الوقت , حتي وصل بيا الامر أني فكرت أن أطلب منه أن نقوم بمسابقه بين القرأن والانجيل ولكن لم أفعل وكان هذا أحد الممارسات والافكار الغريبه التي كانت تدور في ذهني في ذلك الوقت
كنت أود أن أظهر لعادل أن الاسلام دينُ عظيم وفي نفسي كنت أحاول أن اتأسف له عن أفكاري السابقه التي لا علم له بها كنت أتبرء من تلك الافكار بإظهار سماحة ورحمة الاسلام , وكنت أسأل نفسي ؟ ماذا لو كنت قتلت أحدا منهم وكان عادل ؟؟
في الحقيقه كان عادل في حل عن تلك الإشهارات فهو الطالب المسيحي الوحيد في المدرسه وكان صديقنا جميعاً ولا أعتقد انه شعر انه وحيداً في تلك المدرسه علي حسب علمي , كنا أصدقاء عاديين نلعب معاً ونضحك معاً ونتخاصم أحياناً ونعود لنتصالح مثله كمثل أي صديق مسلم أخر
حتي جاء يوم وكنا في رمضان , وكنت أجلس في الفصل وشممت رائحة ( لب ) في الخلف فنظرت الي عادل فوجدتهه علي غفله يلقي بحبة لب الي فمه في الخفاء ويأكلها ثم يمد يده الي فمه ويخرج القشر في هدوء تام فسألته : انت بتاكل لب ؟ فرد محرجاً : اه
قولت : ومخبيه ليه ؟ انت مسيحي ومش صايم ما تاكل عادي ؟
فرد : عشان انتم صايميين بس
وفي الحقيقه لم يفعلها مرة أخري وتنازل حتي عن اللب وهو معنا في المدرسه في أيام رمضان
عادل حتي الان صديقي وأحبه وأعتقد انه يحبني وعندما نري بعض حتي اليوم نقف ونسلم ونحتضن بعض ونمزح سوياً ولم أعد أهتم بأن أظهر له هو خصيصاً سماحة الاسلام لانه تعايش معنا ويعرف هذا العكس صحيح
النهايه
عندما أري الأن الفتنه بين المسلمين والمسيحيين أو حرق كنائس وخلافه , أو أحداً يتحدث عن المسيحيين كأنهم أعدائنا وكذا وكذا , أو أري مسيحياً متطرفاً يتحدث عن المسلمين بسوء , لا أذكر الا هذه الروايه التي حاولت أن أختصرها وأدونها الان
لقد كنت أعتقد بعد معرفتي بعادل أن أصحاب الافكار التي كنت أحملها وأنا صغير لا يؤمن بها إلا الأطفال لانهم صغار ولم ينضجوا بعد وسوف يأتي اليوم ليفهموا أن احترام عادل وأبناء دينه هو من أساسيات الإسلام حقاً
ولكن في الحقيقه وجدت أمامي بعض من الرجال والنساء في مجتمعنا الان كُبار في السن ولكن ما زالت تحيا في عمر الـ 12 عام وأقل , سواء من المسلمين أو من المسيحيين
وهكذا كانت الحدوته منذ كنت طفلاً حتي أصبحت الان شاباً يعقل ما يؤمن به
4 عايز تقول رائيك؟:
التدوينة \ي روعة بجد احيك من قلبي عليها وهنشرها باسمك طبعا :)
تسلم , ونورت المدونه :)
جميله
شكرا للمرور
إرسال تعليق