أجلس علي الكرسي أمام مكتبي المتواضع لأكتب بعض الكلمات إهداء لهذه الغرفه وتخليدا للذكريات التي عاشتها معي , ألتفت الأن حولي لعلي أجد بعض الذكريات التي مازالت موجوده علي الحائط أو علي شباكي المطل علي الشارع , أجلس كما قولت علي مكتب وأمامي جهاز الكمبيوتر الخاص , وخلفه حائط الغرفه وعلي اليمين توجد المنضده الخاصه بحمل أوراقي وكتبي وحتي سجائري وخلفي يوجد السرير – الصغير – الموكل اليه تحقيق عملية النوم في المساء او الصباح علي حد ( مزاجي )
أما أرضية الغرفه فلها الكثير من الذكريات معي , فكثيرا ما كنت أجلس عليها لأذاكر , أو لأستخدم برودتها في الصيف للنوم فوقها , أو للجلوس في خشوع للكتابه , فهنا علي هذه الارضيه في ليلة كاحله شديدة الظلام جلست ثم أشعلت شمعه وسرحت فيها لا أتذكر سبب او فيما كنت أفكر حين اذن , ولكن ما اتذكره جيدا من هذه الليله ان هذا الجو الرومانسي أتي لي بفكرة كتابة أغنية أحبها كثيرا واسمها ( علي ضي شمعه ) وكانت أيضا هي عنوان – ألبومي – في هذا الوقت
أما – السرير – فهو صغير الحجم يساعني في الشتاء بسبب وضع نومي المنكمش وفي الصيف أري قدمي قد عبرت حدود السرير لتبحث عن نسمة هواء في أي منطقه أخري بسبب الحر المفرط , الغرفه هذه غريبه جدااا .. في الصيف تكون شديدة الحر , وفي الشتاء تصبح وكأنها قطعة جليد , ولكني تعودت علي ذلك و فهمت اللعبه , فـ في بداية الصيف أُصاب بنزلة برد وفي بداية الشتاء أًُصاب بنفس الشئ ولكني أفضل الشتاء مع شدة برودته في الغرفه فـ علي الاقل يختفي الذباب الغبي من غرفتي ولا أضطر لرش بعض المبيدات لقتله
في هذه الغرفه عشت أجمل أيام حياتي وأتعسها , كنت أقفز من الفرح حتي كدت أن ألامس السقف عند نجاحي او عند سماع خبر سعيد
في هذه الغرفه ذوقت طعم الرومانسيه بحق وأنا أجلس هنا علي هذا الكرسي لأتحدث الي بنت أحبها , وأتمدد علي السرير وانا اتحدث معها في الهاتف
وفي هذه الغرفه تخرج أصوات الضحك من الشباك حتي تملي الشارع بأكمله عندما أكون جالسا مع أصدقائي نلعب أو حتي نذاكر
وأيضا في هذه الغرفه كنت أتلوي علي الأرض ألماً من البكاء بسبب مواقف كثيره , كنت أبكي وحيدا في وقت ما من الوحده والملل والخوف والتوتر .
لا أخفيكم سرا أن كل أسباب فرحي التي شهدتها هذه الغرفه , شهدت أيضا انكسرات بعد ذلك من نفس أسباب الفرح فكما سمعت الجدران صوتي الدافئ وانا أتحدث الي بنت أحبها ونتواعد سويا علي أن نبقي الي الابد عشاق , سمعت أيضا توسلي اليها في النهايه بألا تبعد وتتركني
وكما تعودت العصافير التي تقف علي شباك الغرفه في الصباح لتغني وترسل الي رسائل الاستيقاظ من النوم علي هذا الصوت الرائع من أمازيج أغنياتهم ثم أخرج الي شباك ( المطبخ ) لأرمي لهم من ورائه بعض من الطعام وما إن يتركو شباك الغرفه متجهين الي الطعام الملقي لهم علي الارض , أذهب مسرعا الي الشباك وأفتحه وأري الشمس واقفة منتظراني فأنظر اليها بصعوبه وأنا – أفرق – في عيني ثم ألقي السلام عليها وأرمي لها قبله قائلا – صباح العسل –
أيضا العصافير جائت عليها أيام وأصبح تري علاقه غير متوقعه مني علي أفعالهم , حتي وصل الامر أحيانا عندما أستيقظ علي أصواتهم وهي نفس الاصوات التي أفرح بها كل صباح , أمد قدمي أو يدي الي الشباك وأضربه بقوه حتي تطير العصافير وللعجب ( لا تعود ) الا بعد فتره وكأنها تهجرني وتعاتبني وتعاقبني علي هذا العمل الإجرامي في حق رقتهم
ولكنهم يعلمون طبعي ويعلمون حبي لهم وكمية السعاده التي يدخلها صوتهم العذب الي قلبي كل صبح , ولكن يشعرون بأني في هذا الوقت أعاني من بعض الاشياء السيئه , ويعذروني ويسامحوني والدليل أنهم يعودو مرة أخري الي الشباك ليغنو كل صباح كي أسمع أصواتهم وأستيقظ ثم أذهب الي شباك المطبخ ألقي لهم بعض الطعام وهكذا
هذه الجدران التي أنظر اليها انا الأن مرتبطه بعلاقه معي , عندما أعود الي المنزل وانا في حاله من التوتر من غدر أحدهم بي أو خيانه أو حتي ولو خصام صغير , لا أجد أحد يسمعني الا هذه الجدران وصل الأمر في لحظة ما منذ وقت طويل وأنا أعاني من البعد عن انسان كنت أشعر وكأنه معي في نفس الغرفه دائما من شدة حبي وإخلاصي له , كنت أطلب من الجدران وأصرخ فيها أن تتكلم وتشهد لحبي , فهي الوحيده من شاهد القصه منذ بدايتها وحتي هذه اللحظه وحتي المواقف التي كانت تحدث خارج البيت كله , عندما كنت أعود الي الغرفه كنت أغلق الباب وأجلس لأحكي للغرفه ما حدث اليوم , فلو كنت سعيدا كنت أتخيل أن الجدران وكأنها علي شكل انسان وأرقص معها وأحتضنها , وعندما كنت أعود حزينا كنت أبرحها ضربا وكأنها هي السبب فيما يحدث
لست مجنونا ,, انا لست سوا كائن يفهم معني الوفاء , أتفهم معني الوفاء لأحبائي من البشر أمثالي , وأتفهم معني وفاء بعضهم الي حيوان ما يمتلكونه , أتفهم كل هذا , وأتفهم ان المعظم يري أن الوفاء للبيت أو المكان الذي يعيش فيه هو أن يتذكر الأيام التي عاشها هنا أو ما زال يعيشها هنا , ولكن أن أتفهم أن هذه الغرفه ليست مجرد ذكريات أتذكرها عندما أجلس بسيجارتي متأملا في جدرانها , ولكنها – حبيبه – ومعشوقه ولها الحق في , أعرف أنها ستشعر بالغيره علي ْ عندما أتزوج مثلا وأنتقل الي مكان أخري مع زوجتي ولذلك أحاول أن أُشبعها مني الان
أقسم أنني أستطيع أن أري دموع هذه الغرفه لو هـُدمت يوما
وأقسم أنني أستطيع أن أسمع ضحكتها وأشعر بدفئ ابتسامتها الأن وأنا أكتب هذه الكلمات وأغازلها بها
وأقسم أنني ما أستطعت أن أعبر ولو بكلمه مما تستحقها هذه الغرفه من كلمات
وأقسم أنني مهما رحلت , ومهما ذهبت الي جدران أخري , سأتذكرها دائما بأنها كانت – حبيبه – وليست مجرد ذكريات
بكل تأكيد هذه ليست أخري الكلمات التي سأكتبها تخليدا لهذه الغرفه
0 عايز تقول رائيك؟:
إرسال تعليق